التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نستور ماخنو


فيم يحرر الإنسان نفسه من السلطوية فإنه يفهم نفسه بشكل أفضل , و ما أن يفهم نفسه فإن كتاب حياته سيفتح له . و سيرى فيه مباشرة أن حياته السابقة لم تكن إلا عبودية بغيضة و أن بنية العبودية هذه قد تآمرت لتخنق كل ميزاته الفطرية الجيدة . و يرى أن حياته هذه قد حولته إلى وحش للواجب , عبدا لواحد من أو بعض السادة فوق الآخرين , أو إلى أحمق يدمر و يدوس على كل ما هو نبيل في الإنسان عندما يؤمر بأن يفعل ذلك . لكن عندما توقظ الحرية الإنسان فإنها ستدمر كل الأشياء الاصطناعية إلى هباء و كل ما يقف في وجه الإبداع المستقل . هكذا يتحرك الإنسان في طريق التطور . في الأزمنة الماضية كان يتحرك في مدى جيل أو ما يقارب , لكن الآن تتحرك هذه العملية سنة بعد أخرى , لا يرغب الإنسان أن يكون لجاما أكاديميا لحكم الآخرين أو أن يتحمل حكم الآخرين له . ما أن يتحرر الإنسان من آلهة الأرض . من "أشكال السلوك الحسن" و من أخلاقيته , التي تقوم على هؤلاء الآلهة , فإنه سيرفع صوته و يناضل ضد عبودية الجنس البشري و تشويه طبيعته .
الإنسان المحتج , الذي أدرك بالكامل هويته و الذي يرى الآن بعينين مفتوحتين تماما , الذي يتعطش اليوم للحرية و الكمال , يخلق اليوم مجموعات من البشر الأحرار الذين يشدهم إلى بعضهم البعض كل من المثل العليا و الفعل . كل من يتصل بهذه المجموعات سينبذ مرتبة التابع أو الخادم و سيحرر نفسه من الهيمنة الغبية للآخرين . أي إنسان عادي يأتي من حراثة الأرض , من المصنع , من مقعد الجامعة أو من المقعد الأكاديمي سيدرك انحطاط أو ذل العبودية . عندما يكشف الإنسان عن شخصيته الحقيقية فإنه سيلقي بعيدا بكل الأفكار الاصطناعية , التي تناضل ضد حقوقه في الوجود الشخصي , لصالح علاقة السيد – العبد في المجتمع المعاصر . ما أن يدفع الإنسان إلى المقدمة بالعناصر الصافية في شخصيته و التي سيخلق من خلالها مجتمع إنساني جديد حر , فإنه سيصبح أناركيا و ثوريا . هكذا يجري استيعاب مثال الأناركية و انتشاره بين البشر , سيدرك الناس الأحرار حقيقتها العميقة , ووضوحها و نقاءها , رسالتها عن الحرية و الإبداع .
لذلك فإن فكرة الأناركية , تعليم الحياة المتجددة للإنسان كفرد و ككائن اجتماعي , مرتبطة بالوعي الذاتي للإنسان
. أيها الثائر , دمر كل حكومة و تأكد ألا تتأسس من جديد . تستخدم السلطة من قبل أولئك الذين لم يعيشوا بالفعل من عمل أيديهم . سلطة الحكومة لن تسمح للعمال حتى بملامسة الطريق إلى الحرية , إنها أداة الكسالى الذين يريدون السيطرة على الآخرين , و لا يهم إذا كانت السلطة في أيدي البرجوازية , الاشتراكيين , أو البلاشفة , إنها منحطة . لا توجد حكومة دون أسنان , أسنان لتمزق أي إنسان يتشوف إلى حياة حرة وعادلة .
ايها الثائر اطرد السلطة بنفسك . لا تجعلها تستميلك أبدا أو تستميل إخوتك . إن حياة جماعية بالفعل لا تبنى بالبرامج أو بالحكومات بل بحرية الجنس البشري , بإبداعه و استقلاليته .
إن حرية أي فرد تحمل ضمنها بذرة مجتمع حر وكامل دون حكومة , مجتمع حر يعيش في تكامل عضوي و غير مركزي , متوحدا في سعيه إلى الهدف الإنساني العظيم


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سؤال وجواب حول الفكر الاناركي

اسئلة حول الفكر الاناركي 1-ما أهم ملامح الفكر الأناركى؟ الأصل فى الأناركية هى الحرية والمساواة والتضامن، ورفض الشكل الهرمى للسلطة، والفرد الأناركى يتولد لديه حس إيجابى بالمسؤولية، يكون ضامنا للعدالة الاجتماعية، والعمل المستمر على إعلاء الحرية الفردية فى المجتمع، والكفاح ضد السلطة المستبدة، واستبدالها بنظام فيدرالى، تكون السلطات فيه مقسمة بين حكومة مركزية ووحدات حكومية أصغر، بحيث تحد تلك الوحدات تدريجيا من سلطة الحكومة ال مركزية، لحين التخلص منها تماما، ويتحقق المجتمع اللاسلطوى، الذى يعى فيه الجميع مسؤولياتهم، وحقوقهم، ويحققون الاكتفاء الذاتى والتكافل، والأناركية لا تحدد نظاما اقتصاديا معينا لإدارة المجتمع الأناركى، وإن كانت ترفض تماما الفكر الرأسمالى، واقتصاد السوق الحرة، كما أن الأناركيين المحدثين لا ينكرون دور الروحانيات، ويرون فى الدين رمزا للخير، برغم رفضهم سلطة المؤسسة الدينية. 2 - كيف يصل المرء إلى الفكر الأناركى؟ الأناركى إنسان مثقف وخيّر، يدفعه شغفه للقراءة إلى التقلب بين النظريات الاجتماعية والسياسية، حتى يصل للفكر الأناركى، وغالبا ما ينتمى الأناركى فى بداية حياته...

ما هي الفاشية ؟

الفاشية هي السعي لوضع مجتمع بالقوة تحت حكم سلطوي واحد لخدمة طبقة فاشية مهيمنة ع مصير ذلك المجتمع سواء اكانت ( دينيه او عسكرية ) سياسيا واقتصاديا ودينيا مغلقه م الحكام الفاشية تقوم ع اساس قومي او عرقي واحيانا تقوم ع اسس ينية او علي مزيج م كل ذلك . غالبا ما تتصور الحركات الفاشية هدفا اسمي لبرنامجها السياسي يتمثل بعناوين مثل توحيد الامة ( الطائفة او الجماعة ) اعادة مجد الامة او الدفاع ع الامة او تحقيق مصير الامة الذي قد يكون السيطرة ع العالم كما كانت تتصور الفاشية النازية او اقامة حكم الله ع الارض كما تزعم الفاشيات الدينية كـ داعش وغيرها حول العالم وضع المجتمع تحت خكم سلطوي واحد هو الهدف النهائي للفاشية وبالتالي يصبح المجتمع نسخة م ذالك الفاشي . وهو نموذج للحزب الواحد الذي يقوم ع عبادة القائد وتقديس السلطة والايمان الاعمي بالايدلوجية وبناء جيش يقوم ع الطاعة العمياء للقائد الاوحد فى كل شي لكي تنجح الفاشية فى التحكم والسيطرة ع اتباعها والمجتمع ككل تستعمل الخوف الذي يتطلب اختراع اعداء داخليين وخارجين تصورهم ع انهم يضمرون الشرور ضد المجتمع الفاشية لا تتحمل اى نوع م انواع المعارضة . ف...

كروبوتكين أب الأناركية الروسية

كان والد الأناركية الروسية الأمير بيوتر أليكسيفيتش كروبوتكين (1842-1921) يحلم بإقامة عالمٍ خال من العنف، ومن سلطة الدولة. وكان ينظر إلى المجتمع كتعاونية طوعية بين أناس أحرار. واليوم، تبدو أفكاره من جديد مُلِحَّةً بدرجة ليست أقل مما كانت عليه في القرن التاسع عشر ما أن تسمع كلمة الأناركية (الفوضوية أو اللاسلطوية - anarchism) حتى يتبادر إلى ذهنك عَلَم أسود مع جمجمة وعظمتين، وكل مظاهر الفوضى المنفلتة من عقالها. ولكن كروبوتكين لم يُبَشِّر بأي شيء من ذلك. فقد كان رجلاً جاداً وعالماً. وعلاوة على ذلك كان يمقت العنف من أعماق روحه. كحال العديد من الثوريين الروس في القرن التاسع عشر، وُلِدَ كروبوتكين الذي كان ينتمي إلى طبقة النخبة في عائلة ثرية نبيلة. وامتلك والده أكثر من ألف من الأقنان وثلاث إقطاعات برمّتها. أنهى كروبوتكين دراسته في (فيلق الباج) الامبراطوري، أكثر المؤسسات العسكرية تميزاً آنذاك. وكان خادماً شخصياً (كامير- باج) للإمبراطور ألكسندر الثاني. وبذلك شُرعت أمامه أبواب الحياة على مصراعيها. فكان بإمكانه أن يصبح جنرالاً أو وزيراً. لكن الأمير تخلى عن كل هذه المغريات ليسلك درب ال...